غير مصنف

استلهام السياقات المشتركة في صناعة السلم الدولي”

كتب - محمود الهندي

 

“استلهام السياقات المشتركة في صناعة السلم الدولي”

من أحدث إصدارات حكماء المسلمين بمعرض القاهرة للكتاب 2025م

كتب – محمود الهندي

يقدِّم جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرِض القاهرة الدولي للكتاب لزوَّاره عددًا من أحدث إصداراته لعام 2025، من أبرزها كتاب “صِناعَة السِّلم الدَّولي: استلهامُ السِّياقات المُشتركة”، مؤلف جماعي لفريق مشروع “أي إسهام لمسلمي أوروبا والغرب في صناعة السلم الدولي؟”، تحرير وتنسيق: التجاني بولعوالي، من إصدارات مركز الحكماء لبحوث السلام .

ويتناول الكتاب القيم والمفاهيم والسياقات المتعلقة بقضية السِّلم الدولي؛ حيث يأتي هذا الإصدار ضمن ثلاثة أجزاء موزعة على ثلاث مجلدات، جاء المجلد الأول تحت عنوان “قيم ومفاهيم مشتركة تؤسس للسلم الدولي” الذي يتضمن تقديمًا ومقدِّمة وسبع أوراق بحثية، أما المجلد الثاني الموسوم بـ “استلهام السياقات المشتركة في صناعة السلم الدولي” فقد توزعتْه ثماني أوراق بحثية. في حين تم تخصيص الجزء الثالث لستِّ أوراق بحثيَّة تم كتابتها باللغة الإنجليزيَّة، وهو موسوم بـ”القيم الكونيَّة المشتركة وصناعة السِّلم الدولي” .

ويتألف الكتاب الذي بين أيدينا -وهو المجلد الثاني من السلسلة- تحت عنوان: “استلهام السياقات المشتركة في صناعة السلم الدولي”، من ثماني أوراق علميَّة، جاءت الورقة الأولى من هذا المشروع للباحثة الدكتورة كريمة نور عيساوي، وهي موسومة بـ “القدس مدينة التعايش ما بين التملك اليهودي والخصوصية الإسلامية”، لتميط اللثام عن حقيقة القدس التاريخية والدينية .

وأوضحت الورقة الثانية للباحث الدكتور محمد المعزوز، المشتركَ الفلسفي الأخلاقي بين الحضارتين اليونانية والإسلامية؛ حيث يتخذ الباحث الفلسفة اليونانية عامة والأخلاق خاصة في علاقتهما بالفلسفة الإسلامية منطلقًا إبستيمولوجيًّا للحفر في التقاطعات القائمة بين هذين السياقين الحضاريين (الإسلام واليونان). لذلك، كان من اللازم العودة إلى تاريخ العلاقة أو بالأحرى تاريخ انتقال الفلسفة اليونانيَّة إلى مجال الثقافة الإسلامية، وما نتج عن ذلك من تأثير في فلاسفة الإسلام الذين تلقوا الفلسفة اليونانية، وبذلوا كل جهدهم لخلق توافق بين تصوراتها وبين مرجعية الفكر الإسلامي. وقد تركَّزت هذه الورقة أكثر على موضوع الأخلاق الذي تتقاطع فيه المقاربتان الفلسفية والدِّينية، وهذا ما يجعل التَّفلسف كامنًا في الدين، والأخلاق صفة من صفات التفلسف، على حد تعبير الباحث .

وتسرد الورقة الثالثة للباحث الدكتور يوسف نويوار، قصة القديس والسلطان واستلهام التاريخ المشترك. ولا يكتفي الباحث بعرض سردية القديس والسلطان، بل يتوغَّل في بنياتها التاريخية والدينية وتداعياتها السوسيو- ثقافية الإيجابية على العيش المشترك في الغرب والحوار بين الأديان ومد الجسور بين جماعات المجتمع المدني وإشاعة السلم بين مختلف مكوناته. ويلاحظ الباحث أن الكثير من اللقاءات في أوروبا والغرب تحتفي بشخصية القديس فرانسوا الأسيزي ولقائه الشهير مع السلطان الكامل زمن الدولة الأيوبية، وتتعبأ لهذه الغاية تيارات كاثوليكية وشخصيات مسيحية وجمعيات مختلفة، لتخليد هذا الحدث، واستلهام العظات والعبر، والوقوف على ملامح شخصية بصمت الفكر الديني الكاثوليكي، وفتحت المجال لحوار ديني بين المسيحية والإسلام .

وناقشت الورقة الرابعة موضوع “المغرب واحتضان اليهود ودينامية التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين”، وهي للباحث الدكتور إبراهيم حمداوي، الذي يعود بنا إلى تاريخ اليهود في المغرب، وهو تاريخ شَهِدَ مراحل طويلة من التعايش والتثاقف. وقد ارتكز الباحث في هذا السياق على الرواية الشفهيَّة للسكان خصوصًا المسنين منهم، الذين عاشوا في فترة من القرن الماضي إلى حدود 1961، كما اعتمد على الوثائق التاريخية التي تتضمن عدة اتفاقيات بين اليهود والمسلمين. ولم يقتصر الباحث على عرض هذا الموضوع وتوصيفه، بقدر ما تعمَّق في المحددات المؤطِّرة للعلاقات بين اليهود والمسلمين ومختلف مكونات المجتمع، وإلى أي مدى يمكن أن تُسْهِم في تحقيق السلم والتعايش الاجتماعيين سواء على المستوى الداخلي أم الخارجي .

وحللت الورقة الخامسة للباحثة الدكتورة أنوار عبد الفضيل، التعايش الإسلامي القبطي في مصر؛ حيث تنطلق الباحثة من وادي النيل بكونه مهد الحضارة الإنسانية، الذي تمتد إنجازاته وآثاره إلى يومنا الحالي، ليس فقط في شكل مبان رائعة، وأعمال فنية جميلة، وزراعة وصيد، ولكن أيضًا في الإنتاج الأدبي. ثم إن سياق مصر ووادي النيل سياقٌ مضياف بامتياز، فقد استقرَّت حوله شعوب من ثقافات وديانات مختلفة. وتركز الباحثة في ورقتها على وصول الإسلام وتأصله في البلاد، وتفاعله مع المجتمعات الأخرى بما فيها مجتمع الأقباط، لترصد كيف شكل ذلك مصر الحديثة انطلاقًا من نصوص المؤرِّخين والروائيين .

وتحت عنوان “التعددية الدينية ومآلات الإسلام في الغرب، السياق الأوروبي أنموذجًا”، جاءت الورقة السادسة للباحث الدكتور ميمون داودي، وتتناول مفهوم التعددية الدينية، وتحيل على السياق الأوروبي والغربي الذي شهد ظهور مجموعة من النظريات التعددية التي تتقاطع مع المنظور الإسلامي على أكثر من صعيد. ويعتقد الباحث أنه إذا كانت التجربة الدينية للبشرية تؤكد الإنصات الحكيم والعميق للآخر، والتعايش السلمي بين مختلف الأديان، فإن أساليب تنزيل هذا السكون وطرقه يحتاج إلى الإيمان الراسخ بالغيرية الدينية. كما يحتاج إلى البحث الجاد عن سبل العيش المشترك، يكون فيه التعايش والحوار بين الديانات المختلفة أفقًا لهذا العيش. وتقدم هذه الورقة الحضور الإسلامي المعاصر في أوروبا أنموذجًا للحديث عن راهن وجود المسلمين وآفاقه في هذا السياق .

أما الورقة السابعة للباحث الدكتور خالد التوزاني، فقد عنونها بـ “السِّلم الروحي والأبعاد الكونية للصوفي: مداخل بناء الإنسان الكامل”، وهو يُعالج فيها إشكالية السِّلم الروحي والأبعاد الكونية للصوفي، وفق رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحّة للسلم والأمن وتعزيز بيئة التسامح في المجتمعات المعاصرة، وخاصة مع ثورة التواصل والإعلام وتحوِّل العالم إلى قرية صغيرة. ويهدف الباحث من هذا إلى تقديم مقترحات للارتقاء بالسلوك الإنساني، ومحاربة الظواهر السلبية، وعلى رأسها التطرف والكراهية والعنصرية، وغيرها من المشكلات المعاصرة، التي تؤثر في مجالات الحياة الفردية والجماعية، وتقلِّص من فرص التواصل والتعاون .

وقد جاءت الورقة الثامنة والأخيرة -من هذا الكتاب- للباحث الدكتور الحسن الغشتول، وهي معنونة بـ “الرحلة ومعالم البناء الرمزي المشترك”، وتحذو الباحث الرغبة في إبراز جانب من جوانب إسهام خطاب الرحالين المسلمين في معرفة الذات المسلمة، من خلال اتصالها المباشر بالآخر، من حيث هو ذات أخرى لها اشتراطاتها الذهنية وأسئلتها الوجودية والتاريخية الخاصة بها. ويسعى الباحث على هذا الأساس إلى استبصار حدود المسافة بين مستويين في الوعي والإدراك وإنتاج الرموز. وقد تدرجت هذه الورقة عبر منحيين متعاضدين؛ أحدهما يرتبط مباشرة بالتفكير النسقي داخل النصوص الرحلية المغربية، في مرحلة زمنية تعلن عن انعطافات قيمية وفكرية في طريقة التكيف مع الغرب، والمنحى الآخر له صلة بإمكانات المعنى المتاح للمتلقي، انطلاقا من التعامل مع الخطاب الرحلي موضوع الدراسة، بأفق استشرافي كوني منفتح على قضايا التسامح والتراحم والتعايش .

ويشارك مجلس حكماء المسلمين بجناح خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير 2025؛ حيث يضم الجناح عددًا كبيرًا من الإصدارات المتميزة للمجلس، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الندوات والأنشطة والفعاليات التي تركِّز على نشر قيم الخير والمحبَّة والسَّلام والتعايش المشترك بين جميع البشر .

ويقع جناح مجلس حكماء المسلمين في معرض القاهرة الدولي للكتاب، بجوار جناح الأزهر الشريف، في قاعة التراث رقم (4)، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية، بالتجمع الخامس .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة